Friday, December 6, 2013

تقرير الشيخ عبدالله السلامة التميمي عن رواية حوجن

بسم الله الرحمن الرحيم

(حوجن بين الشعوذة والفلسفة)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..

في غموض الحقيقة وكثرة الافتراءات وتناقل الإشاعات وتطلع القارئ لمعرفة الحقيقة والصواب أكتب لكم أيها الأحباب..


لا أخفي عليكم أيها الأحبة فقد وردت إلينا في شعبة مكــافحــــة السـحــرة ومـتابعـة الرقاة في هيئة مدينة الدمام بلاغات عدة بشأن رواية ( حَوجَن ) ومفادها: أن الرواية تعلّم السحر والشعوذة وكيفية تحضير الجن، ناهيك عن الرسائل التحذيرية عبر برنامج التواصل الإجتماعي الواتس آب.

تلقيت اتصالاً من رئيس هيئة مدينة الدمام فضيلة الشيخ الوقور/ سعيد بن أحمد المجدوعي وفقه الله، ومن إحسان ظنه بي أنه كلفني شخصياً بأن أتأكد من صحة البلاغات الواردة بشأن رواية ( حوجن ) ، وأن أكتب له تقريراً مفصلاً عن هذه الرواية، ذهبت لمكتبة جرير بحي الشاطئ، واقتنيت نسخة من رواية ( حوجن )، قرأت الرواية كاملة واطلعت عليها بدقة خلال خمس ( 5 ) ساعات تقريباً، وقيّدت بعض الملاحظات في خمسة عشر ( 15 ) نقطة.
حصلت بعدها على رقم الكاتب المبدع/ إبراهيم عباس، لأناقشه عن بعض المفاهيم في روايته المشهورة، ومن غير مبالغة توجست أنني سأتصل بساحر ماكر، ورجل ترعرع بين الجن والأبالسة، من هول البلاغات وشديد التحذير والنعت بالعبارات.
أجاب على اتصالي، وحينما عرّفته بنفسي وبعملي، استقبلني وكأنه يعرفني منذ عشرات السنين، رأيت منه إنصاتاً عجيباً، وأدباً جمّاً ، وحوار مؤدب رائع، وأخلاقاً راقية، واسلوب أحلى من صافي العسل، تعجبت كيف تكون هذه الأخلاق الإيمانية على ساحر كما يصفه الناس!!!
عرضت عليه النقاط التي دونتها بشأن روايته، تراجعت عن تسعة ( 9 ) ملاحظات دونتها، واتفتق معه على ستة ( 6 ) ملاحظات أخرى .

كان أخي/ ابراهيم يستمع مني ويبادرني بهمّة الاستعداد على أن يغير في الرواية كل مخالفة شرعية، وتكفي هذه المبادرة الطيبة من رجل طيب.
اتصل علي بعدها بيوم، وقرأ علي التعديلات على روايته الشيّقة، وهذا والله من صدق لسانه وصفاء سريرته.
رواية ( حَوجَن ) اقولها بملئ فمي أنها من أجمل الروايات وأروعها التي قرأتها في عالم الروايات والخيال ..
لست مسوغاً إعلاميا لهذه الرواية، لكنني أدين الله فيما أكتب لكم، فالكمال المطلق لله وحده جلّ وعلى، ولا يسلم أحد منا من الخطأ، والرواية الرائعة التي كتبها أخي الكاتب العزيز/ إبراهيم، ليست كتاباً منزّلاً من السماء، بل هي من قول البشر فلها مالها من الصواب وعليها ما عليها من الخطأ.
لكنني أحببت أن اذكركم أيها الأحبة بأمرين مهمين تتعلق في الرواية :
1/ الرواية لا تُعلم السحر كما هو شائع بين الناس، مع تحفظي على لعبة الويجا، ولأهل العلم والفضل كلام في التحذير منها والعدول عنها لا يسعني ذكره، وما ذكره الكاتب في روايته هي من عرض مقام الرواية لا تعليمها.
2/ الرواية من تأملها بأفق واسع يجد أنها، تحذر من السحر والانخداع بالسحرة وتضليلهم على الناس.
كنت أتمنى لكل من روج الإشاعات وتقدم بالبلاغات، أن يكون قد اطلع على الرواية كاملة وترك عنه آفات الأخبار ورواتها.
جميل أيها الأحباب أن نعالج الخطأ بالصواب وأن نأتي البيوت من أبوابها وندع القذف والاتهامات والسب والشتم على مؤلف الرواية، ( لا تكن أنت والشيطان عوناً على أخيك ).
وللإيضاح فهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تصادر الكتب كما اشيع عنها ، بل تقوم بعمل محضر حصر للكمية وترفع الأمر للجان الشرعية وجهة الاختصاص الأولى وزراة الإعلام، وبعدها يُبت القرار فيها.
كنت أتمنى أن يتناصح الإخوان فيما بينهم، ويدَعوا القيل والقال، فهي بُغية الشيطان أن تكون بينهم.


أخي الحبيب/ إبراهيم سر على بركة الله، واستعن بالله أولاً وآخر وثق بالله، وتجرد من حولك وقوتك إلا بالله، وأخلص النية، واتبع السنة، واصبر على ما أصابك واحتسب الأجر من عند الله في ذلك، تفز فوزاً عظيما.. 

والله اعلم ونسبة العلم إليه أسلم وأحكم
كتبه محبك وحافظ ودك
الفقير لعفو ربه وطالب مرضاته




                  عبدالله بن سالم السلامة التميمي
رئيس شعبة مكافحة السحرة ومتابعة الرقاة بهيئة مدينة الدمام.
                        0503588645
                           @

Thursday, December 5, 2013

حوجن وتفنيد الشائعات

بداية لم أكن أتمنى أبداً أن أضطر لإبداء أي تفنيد أو توضيح في مجتمع تغلب عليه حسن النوايا والظنون والأدبيات الأخلاقية والدينية، لذا فتوضيحي هذا أستهدف به القلة الذين لم تتح لهم فرصة الاطلاع على الرواية بأنفسهم في الوقت الذي انهالت عليهم الشائعات والافتراءات، لا لأدافع عن نفسي، بل لأبين لهم حيثيات تلك الشائعات فيظن المسلمون بأنفسهم خيراً، ولا يخدعهم شيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وشائعة تسري في الأوساط مسرى السم.
في ظل المد الغربي الذي يستهدف شبابنا منذ سنوات عبر الروايات والأفلام والألعاب التي تروج للادينية والماسونية وتعلم السحر والشعوذة وانتشارها الساحق بين أبنائنا وغياب الحراك التوعوي ضدها وعدم توفر البديل لجيل متعطش لكل ما هو ممتع ونافر من الخطاب التوعوي التقليدي المباشر، قررنا أنا وشريكي ياسر بهجت أن نبدأ بادرة لسد هذه الثغرة، بادرة يتخيلون: إثراء محتوى الخيال العلمي النابع من بيئتنا والمتماشي مع قناعاتنا وثوابتنا وإنتاج أعمال تنافس المنتج الغربي في القيمة التشويقية وفي نفس الوقت تروج لقيمنا وقناعاتنا، ليس بين شبابنا فحسب، بل وتصدر قيمنا تلك إلى الغرب باستخدام نفس الأدوات التي يستخدمونها هم لتصدير قيمهم إلينا.
كان أول نتاج لنا رواية حوجن، وأدعوكم بداية أن تشرفوني بقراءتها بعيداً عن موجة الشائعات الذي تلقفها الناس عبر مصدر "كما وصلني" و "تحذير من ثقة" دون اطلاع ولا دليل متحمسين لنشر التهم والأباطيل والقذف من باب التحذير والنصيحة متناسين قول الله تعالى "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" وأمره لنا أن نتبين قبل أن نصيب قوماً بجهالة. تتبعت الكثير من مروجي الإشاعة وتواصلت معهم لأفاجأ بأنهم اندفعوا خلفها مؤجرين عقولهم وعواطفهم لمن افترى الكذب وروج له دون حتى أن يكلفوا أنفسهم عناء التأكد وقراءة الرواية بأنفسهم، أو حتى عناء التواصل معي مباشرة ً بالرغم من أن بريدي ومعرفي على أول صفحة فيها. بل والعجيب أن بعضهم أصر على قذفي واتهامي بتهم تصل للشرك بالله وعندما أطلب منهم مواجهتي في جهة رسمية كاشفين عن أسمائهم الكاملة ومقدمين أدلتهم يتهربون ويستمرون في التأليب والترويج للكذب ولي المعاني مراهنين بانجراف من تأخذهم العاطفة والحماسة دون العقل والدليل، متناسين أن كذبهم ستفضحه أول بادرة تقصي واطلاع
الرواية منتشرة منذ سنة ونصف، زوار المدونة تجاوزوا المئة ألف، المبيعات الورقية تجاوزت ثلاثة وعشرين ألف نسخة غير النسخ الإلكترونية ومبيعات موقع أمازون وكندل والنسخ الإنجليزية. عندي أرشيف يحوي عشرات الآلاف من الملاحظات من القراء، جلها إيجابية، والسلبي منها كان إما ينتقد الأسلوب الكتابي التصويري الذي يختلف مع الروايات الكلاسيكية، أو ينتقد المثالية الزائدة في الرواية كونها تروج للكثير من القيم الدينية والأخلاقية ومحاربة مظاهر الشرك والشعوذة والسحر والتنبيه إلى كثير من مظاهرها المنتشرة وتعزيز قيم الإيمان بالله والثقة به والتعلق به وحده، والتنبيه من التواصل مع عالم الجن والاحتكاك بهم والذي بينته بشكل لا يخفى إلا على حاقد أو متغافل ناهيك عن العديد من القيم الأخرى التي عززتها الرواية كالتلاحم الأسري والنبل والتضحية وتنبيه الفتيات من الانجراف نحو حيل الشباب المستهتر إلى آخر ذلك من قائمة تطول يشهد عليها من قرأ الرواية. وتستمر إشادتهم ويتواصل ثناؤهم لكتابتنا لرواية جعلت من لا يقرأون من أبنائهم يقرأون. لم تأتني ملاحظة واحدة من بين مئات الآلاف من القراء (منهم مشايخ راسخون في الدين والعلم ورجال علم ورجال دولة) تدعي ما تروج له الشائعات، ولا أزال أكرر في وجه الأفاكين: من يمتلك منكم الشجاعة والدليل فليواجهني مباشرة أمام جهة رسمية! فإما الإثبات أو الإدانة بتهمة القذف والتشهير.
كنت أقضي ٧٠٪ من الوقت في الدراسة والتحليل وسؤال من أثق بعلمه ودينه وعقليته والبحث في المصادر الشرعية والعلمية والنفسية قبل أن أهم بالكتابة، وتجاهلت نصائح بعض المؤلفين بأن أحصل على الفسح من خارج المملكة تفادياً لعرضها على اللجنة الشرعية في وزارة الإعلام، ولكنني أصررت أن أفسحها من وزارة الإعلام في المملكة لثقتي في مضمون روايتي ولحرصي على معرفة الملاحظات عليها من قبلهم إن وجدت. ومع ذلك تم فسحها دون أي ملاحظات، وصورة الفسح مرفقة بالأسفل ورقمه: ٣٠٢٠٨٧ موقع من السادة مصطفى بن محمد النعمي وعابد بن عبدالله اللحياني.
حققت الرواية بفضل الله نجاحاً وانتشاراً لم يخطر ببالنا وأصبح الشباب يتهافتون عليها بدل تهافتهم على روايات السحر والماسونية واللادينية والانحطاط الفكري والأخلاقي والتي تملأ المكتبات والأجهزة ناهيك عن تهافت الشباب عليها في الإنترنت والتي أستغرب من تغافل المتحاملين والمفترين على رواية حوجن بحجة الغيرة والدين عنها كل هذه السنين. مع انتشار الرواية أصبحت متداولة وبشكل كبير في أروقة المدارس، بالذات مدارس البنات، يتداولونها ويقرأونها بين الحصص. طبعاً يسعدني انتشار القراءة ولكن لا يرضيني أبداً أن تكون روايتي أو أي كتاب آخر سبب إلهاء عن الدراسة وإن كان كتاباً علمياً. ردود الأفعال نحو تلك الظاهرة في المدارس تفاوتت من تنبيه على أهمية عدم الانشغال عن الدراسة بأي شئ آخر مع تشجيع على الثقافة والاطلاع بوعي وتحت إشراف يجعل الناشئة يستمتعون بالمادة المقروءة ويضعونها بما فيها من قيم ترفيهية خيالية ورساءل قيمية في نصابها. ولكن بعض ردود الأفعال كانت عاطفية انفعالية وحملت مبالغات غير مبررة وصلت لدرجة اتهامي بالكفر والشرك والسحر والترويج له ومصادرة الرواية وحرقها وفصل الطالبات (بصدد تقصي وإثبات أكبر قدر من هذه الحالات والاتهامات). ردة الفعل هذه تناغمت مع الشائعة التي انتشرت عبر الواتس آپ وبدأت تظهر أساطير الجن الذي ظهر للبنات في المدارس وتلبسهن وشلهن عن الحركة بسبب الرواية، كل ذلك فجأة بعد انتشار الإشاعة وبعد سنة ونصف من صدور الرواية كأن العفاريت انتظرت سنة ونصف وتجاهلت مئات الآلاف ممن قرأوا الرواية واستمتعوا بها وأشادوا بها ثم قرروا فجأة الظهور لبنات المدارس في تلك القصص الوهمية. أكرر رجائي: من قرأ الرواية وظهر له جني فليتفضل باسمه الكامل وأدلته أمام جهة رسمية. لم يتوقع مروجوا الإشاعات حرصي شخصياً على تتبع ما يثار حول حوجن ومواجتهم بشكل مباشر، اعتذر كثير منهم، وعاد وشكرني بعد أن اطلع على الرواية واكتشف بنفسه بطلان ما اتهمت به، وتحولوا إلى مدافعين ضد الاتهامات بعد أن كانوا مروجين لها. بعد أن عجز من اتهموني بالسحر والشعوذة وأن الرواية تحمل طلاسم كفرية عن استخراج دليل أو أي مقطع من الرواية يثبت أكاذيبهم اتجهوا إلى تهمة جديدة وهي الترويج للعبة ويجا السحرية التي تحضر الجن والأرواح كما يدعون. وكونهم لم يقرأوا الرواية، أو قرأوها وأخذتهم العزة بالإثم، تناسوا أن الرواية تحذر وبوضوح من هذه اللعبة وأنها أعزت جميع المصائب التي مرت ببطلتها وعائلتها إلى تساهلها في التواصل مع الجن عبر لعبة الويجا وضعف الإيمان وغياب التحصين فانجرف والدها خلف أوهام الدجالين والسحرة والمشعوذين وكاد أن يقع في الشرك الأكبر ولكنه نجى ونجت عائلته بعودته إلى الله واستغفاره له وتعلقه به وحده. أنا أحذر من الويجا التي عُرفت وانتشرت بين الفتيات من عشرات السنين وهم يتهمونني أنني أروج لها بسبب محاولة مجموعة من المراهقات لعبها بعيداً عن إشراف أوليائهن. ذلك الإشراف الذي نعلم جميعاً أنه ضروري حتى عند اطلاع المراهقين على النصوص الدينية وأي مادة علمية أو ثقافية أو ترفيهية، ناهيك عن رواية تتطرق لعالم الجن الغيبي. ونصيحتي للآباء والأمهات والمعلمات: هذه فرصة لتأدية أمانتكم في توعية بناتكم، ولكن بأسلوب يليق بمكانتكم، وبتعاليم ديننا، وبعقلياتهم. أسلوب التشنيع والتهويل والكذب وإهمال العقل والمنطق والحكمة لن يجدي.. والله لن يجدي. سيخلق هوّة بينكم وبينهم، ستتلاشى ثقتهم فيكم عندما يقرأون رواية أمتعتهم وأفادتهم وعززت قيمهم الإيمانية والأخلاقية وتأتون أنتم لتصادروها وتصادروا معها عقولهم بعد أن صودرت عقولكم أنتم، وتعنفوهم معتمدين على إشاعات كاذبة واتهامات وافتراءات مصدرها رسالة واتس آپ، أو تحذير من شخص لم يفتح الرواية أصلاً. التهاون في هذه الأمانة الدينية التعليمية التربوية الأخلاقية كارثة أكبر بكثير من الوهم الذين يظنون أنهم يحاربونه بحملاتهم. واسمحوا لي بكلمة جانبية يا من سخرتم الجهد والوقت لمحاربة رواية حوجن: لماذا لم يتواصل معي أحد؟ لماذا لم تنصحوني كما يتناصح المسلمون فيما بينهم؟ هل هذه الحملة من دافع حرص على الناشئة؟ وإن كان كذلك هل قرضتم جميع الآفات ولم يبق إلا حوجن يثير فيكم الرعب فتقيمون هذه الحرب؟ هل تشنجت أيتها المعلمة التي عنفت طالبة لقرائتها رواية حوجن عندما شاهدت ابنتك فيلم هاري پوتر أو لعب ابنك لعبة كول أوف ديوتي؟ ولو فرضنا أن أبناءك منزهون عن الأفلام والألعاب والروايات والقنوات التليفزيونية ومواقع الإنترنت.. هل تحركت غيرتك تلك لتناصح أبناء عائلتك؟ جيرانك؟ أصدقائك؟ بنات المدرسة على أي شئ سوى رواية حوجن؟ أم أنك تزكين كل تلك الأفلام والروايات والألعاب والمواقع المنتشرة في كل مكان حولك؟ أم هي مجرد "موضة" تحذير من رواية حوجن بالذات والترصد لكل كلمة فيها وكأنها منهج علمي لا مجرد رواية خيالية بدون احترام للعقل ولا المصداقية ولا الأمانة؟ موضة تشبه كثيراً موضة التحذير من البوكيمون والبلوتوث وجوال الكاميرا لن تلبث أن تتحول إلى نكتة ثقيلة مبكية تتظاهرين بالصمم عندما تسمعينها في المستقبل. عندما تتذكر طالباتك هذا الموقف منك، ويصبح هذا هو المثل المرتبط بك.
القضية هنا ليست قضية كتاب وفسح ومنع ومبيعات، بالعكس منع الكتاب يصب في مصلحة تسويق الكتاب فكل ممنوع عندنا مرغوب. أنا أحترم قرار أي أب أو أم أو معلمة أو مديرة مدرسة في منع أبنائهم وبناتهم من أي شئ لأن ذلك حقهم التربوي والتنظيمي، ولكن تألمي من أن يستخدم الكذب والتهويل في تبرير ذلك المنع! وعندما يتمادى ذلك التهويل إلى اتهامي وقذفي فعندها تتحول القضية إلى قضية جنائية أجد نفسي مضطراً لملاحقة من اقترفوها، لا لدافع الانتقام الشخصي والدفاع عن نفسي فيقيني بالله وعدله لا تهزه إشاعة، وإنما لأن واجبي يحتم علي أن تصل الرسالة واضحة لجميع من خاض في هذا: نحن مسلمون، والرسول صلى الله عليه وسلم قرن حرمة أعراضنا بحرمة مكة في يوم عرفة. لا بد أن يعرفوا تماماً أن الله الذي سيحاسبني على ما كتبت، سيحاسبهم أيضاً على ما كتبوا ونشروا وتناقلوا وروجوا، لا بد أن يشاهد الناشئة أمام أعينهم مثلاً كيف أن من يخوض في الأعراض ليس له عزاء، وإن كانت له مكانة تعليمية أو توعوية أو تربوية. القضية هنا قضية ثوابت وبديهيات دينية وتربوية وعقلانية وأخلاقية، ليتهم سخروا هذه الجهود لإعطاء الناشئة مثلاً في تطبيق فقه التعامل مع الشائعات الذي أدبنا به الله تعالى في سورة النور والحجرات، ليتهم سخروا مناصبهم وأمانتهم العلمية في تدريبهم على كيفية الانتهال من مختلف المصادر العالمية وتمييز الجيد للاستفادة منه من الردئ لتلافيه. ليتهم تنبهوا إلى أننا في العام ٢٠١٣م، وأنهم مؤتمنون لتربية أجيال ستواجه الأعوام ٢٠٢٠م و ٢٠٣٠م و ٢٠٤٠م فالانفتاح على العالم الذي نراه اليوم لا يذكر بما سيكون غداً.. كيف ستواجهه الطالبة التي تربت على أسلوب الردع والتلقين والتقوقع ومحاربة كل فكر آخر وتعطيل العقل وتأجيره.. إنها جريمة.. ترتكب في حق ناشئتنا وأمتنا.
أما بالنسبة للعبة الويجا، فبالرغم من أنني حذرت منها ومن التواصل مع الجن في الرواية ومع ذلك لم أتحدث عنها في الرواية إلا بعد دراسة مطولة بدأت من عدة سنوات. هل يعقل أن مراهقة تستطيع أن تتجاوز الحجاب بيننا وبين عالم الجن بورقة من دفترها وغطاء بلاستيكي وتتواصل معهم وتحضرهم؟ من دراستي لظاهرة لعبة الويجا منذ سنوات لم يثبت لدي إلا التفسير العلمي وهي أنها إيحاءات جمعية وحركة عصبية لا شعورية اسمها ideomotor-effect درسها علماء النفس والأعصاب وأثبتوها بالتجارب والبراهين لا تعدو كونها انعكاسات من العقل الباطن لأحد اللاعبين فيدفعها عبر شغفه وحماسه لصياغة سيناريو يتماشى مع هاجسه المسبق تماماً كما يصوغ الأحلام فيدفع ذلك اللاعب القرص ويتحرك معه باقي اللاعبين ويعتقدون أنه يتحرك من تلقاء نفسه، لذا من يلعبها في الصين يتصور أنه يستحضر روح تنين ومن يلعبها في إمريكا يتصور أنه يستحضر روح جده الميت ومن يلعبها عندنا يتصور أنه يستحضر مارداً من الجان كلاً حسب قناعته وهاجسه المسبق، وطبعاً من لا يؤمن بالجن أو بالأرواح لا تنفع معه اللعبة. ومع عشاق الإثارة والخرافة تنهال الأساطير، فمن عندها تلبك معوي تقول أنها تألمت واستفرغت بسبب اللعبة ومن شعرت بتيار هواء تقول أن الجني دخل الغرفة فتصاب بالهلع ويتلاقف الناس هذه الترهات فيهولونها ببهاراتهم. وإسكاتاً للمتصيدين أعود وأؤكد أنه ومع قناعتي بكل هذا حذرت من اللعبة بشكل واضح في الرواية، وكون عدداً من المراهقات جربها بسبب البيئة الخالية من الإشراف المحفزة للوسوسة التي تحيط بهم لا يدينني بأني علمتهم السحر والشعوذة، بل الأحرى أن يعلمهم أباؤهم ومعلميهم أن كل هذا مجرد خيال كأي فيلم أو قصة أو لعبة خيالية، وإلا فلنحاكم شركات السيارات بسبب سواقة المراهقين لها، ولنوقف استيراد السيارات لنتخلص من شرورها في بلادنا (أستطيع أن أستخدم نفس الفكر الترهيبي التهويلي المتصيد لأبين شناعة أي شئ يمكن أن يخطر ببالكم).
انتشرت رسالة الواتس آپ التي كانت تفتري على الرواية وتطالب الناس بالتوجه إلى مراكز الهيئة ومطالبتهم بسحبها من المكتبات، وانهالت الاتصالات على مراكز الهيئة استجابة لإشاعة الواتس آپ، وما كان من مراكز الهيئة إلا أن تحركت للتأكد والتفنيد فطالبت المكتبات بالتحفظ على الرواية وعدم بيعها أو إرجاعها لحين الاطلاع عليها من قبل المختصين في شعبة محاربة السحر والشعوذة في الهيئة والتأكد من خلوها مما نسب إليها. وهنا حصل صدام خطير جداً وتحول الموضوع إلى قضية رأي عام داخل المملكة وخارجها، فمن جهة انصب اللوم على الهيئة ممن اعتقدوا أنها اتخذت قراراً بوقف الرواية متعدين صلاحيات وزارة الإعلام بالذات ممن قرأها وعلم يقيناً خلوها مما أشيع عنها، ومن جهة أخرى شعر مروجوا الإشاعات بالنشوة والزهو معتبرين أن الهيئة استجابت لمطالبهم وأوقفت الرواية كلياً دون تحقق.
ولكن الهيئة كانت أرقى وأحكم من ظنون الفريقين، فما أن تم التحفظ بحثت عن أرقام الهيئة وتواصلت معهم مباشرة وقمنا كشركة يتخيلون بزيارتهم متمثلين بي أنا وشريكي ياسر بهجت وأخي عمر عباس إمام وخطيب مسجد التوابين والذي كان من المنتسبين لجهاز الهيئة وكان أيضاً ممن أنهكتهم بالأسئلة الشرعية أثناء كتابة الرواية لما له من علم وحفظ ودراية. كانت جلستنا مع الإخوان في الهيئة في قمة الرقي واللطف والمهنية، أكرمنا الإخوان في شعبة مكافحة السحر والشعوذة بحديث مطول تم خلاله تفنيد الرواية وما نسب إليها ودعونا لزيارة معرض السحر والشعوذة وأهديتهم نسخ موقعة من الرواية للاطلاع عليها والتأكد. وأكدوا لنا أنا التحفظ على الرواية ليس سوى إجراء احترازي مؤقت إلى أن يرفعوا تقريرهم إلى الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وبعد هذه الزيارة للإخوان في الهيئة تلقيت اتصالاً من أخي الشيخ عبدالله السلامة رئيس شعبة مكافحة السحر والشعوذة في هيئة المنطقة الشرقية، اتصاله كان مفاجئاً جداً لي، ليس كونه مباشراً من رجل بهذه المكانة في الهيئة فحسب وإنما للإطراء والإعجاب الذي أبداه أخي عبدالله (أفضل صدقاً أن أناديه أخي عن أن أناديه فضيلة الشيخ) بالرواية، حيث أنه اشترى بماله نسخة من الرواية عندما تلقى البلاغات عنها وقرأها بنفسه في غضون ساعات، وبحث عن رقمي إلى أن حصل عليه وأصر على التواصل معي بشكل مباشر ليبدي إعجابه واستمتاعه بالرواية وإشادته لما حملته من قيم ومعان ووصف دقيق للواقع وكشف لحيل السحرة والمشعوذين ودجلهم بأسلوب جعله يشك أنني كنت أحد الذين شاركوا معهم في عمليات القبض على السحرة والمشعوذين. أخي عبدالله السلامة ضرب مثلاً رائعاً في النصيحة لله ورسوله والمؤمنين، بالحكمة والموعظة الحسنة والعدل، لم يلق بالاً للأكاذيب وقرأ الرواية وحللها بشكل مهني مفصل واستغرقت مكالمتنا لقرابة الساعة ونصف تلقيت خلالها جميع ملاحظاته وناقشناها سوياً واستغليت الفرصة لأستفيد من خبراته في مجال التعامل مع قضايا السحر والشعوذة لكي أضيف المزيد من المعلومات والتفاصيل لأحداث الرواية. وقد دون أخي عبدالله تقريره المفصل الذي يدين به أمام الله هنا رابط نص تقرير الشيخ عبدالله (أرفقته في نهاية المدونة). http://hawjan.blogspot.com/2013/12/blog-post.html

لم أكن أتخيل أن أهاجم كل هذا الهجوم من إخوان وأخوات أشاطرهم الدين والوطن، يحزنني هذا التحامل والتهويل جداً في الوقت الذي أرى فيه تحقق أحلامنا في تصدير ثقافتنا الدينية والأخلاقية إلى باقي الدنيا بعد أن كنا لا نحسن سوى استيراد ما لديهم، في الوقت الذي أضيع فيه جهدي ووقتي لأشرح كل هذا لأخ لي في الدين والوطن حاربني دون أن يقرأ، أتلقى إشادة ومديحاً وإطراءً من أجانب حائزين على جوائز كتابة الخيال العلمي ممزوجة بتساؤلاتهم عما إذا كانت تصوراتي عن مجتمع الجن مع ما طرحته من تفسير علمي ومنطقي واجتماعي والذي يختلف عن تصواراتهم عن عالم الأرواح والأشباح هو فعلاً مستنبط من ديننا الإسلامي.
هذا كل ما لدي، سأواصل الآن مشاريع ترجمة حوجن لباقي اللغات (الكورية والفرنسية والأسبانية حالياً) وسأواصل مشروع إنتاجه كفيلم سينمائي، وكتابة وإنتاج باقي الأعمال. مع امتناني لكل من قرأ فاستمتع وكل من انتقد بصدق، وكل من تحرى الحقيقة قبل أن ينجرف خلف الشائعات.

محبكم.. أخوكم..
إبراهيم عباس







تقرير الشيخ عبدالله بن سالم السلامة التميمي
رئيس شعبة مكافحة السحرة ومتابعة الرقاة بهيئة مدينة الدمام
المكلف بدراسة وتحليل رواية حوجن وما أشيع حولها


بسم الله الرحمن الرحيم

(حوجن بين الشعوذة والفلسفة)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..

في غموض الحقيقة وكثرة الافتراءات وتناقل الإشاعات وتطلع القارئ لمعرفة الحقيقة والصواب أكتب لكم أيها الأحباب..


لا أخفي عليكم أيها الأحبة فقد وردت إلينا في شعبة مكــافحــــة السـحــرة ومـتابعـة الرقاة في هيئة مدينة الدمام بلاغات عدة بشأن رواية ( حَوجَن ) ومفادها: أن الرواية تعلّم السحر والشعوذة وكيفية تحضير الجن، ناهيك عن الرسائل التحذيرية عبر برنامج التواصل الإجتماعي الواتس آب.

تلقيت اتصالاً من رئيس هيئة مدينة الدمام فضيلة الشيخ الوقور/ سعيد بن أحمد المجدوعي وفقه الله، ومن إحسان ظنه بي أنه كلفني شخصياً بأن أتأكد من صحة البلاغات الواردة بشأن رواية ( حوجن ) ، وأن أكتب له تقريراً مفصلاً عن هذه الرواية، ذهبت لمكتبة جرير بحي الشاطئ، واقتنيت نسخة من رواية ( حوجن )، قرأت الرواية كاملة واطلعت عليها بدقة خلال خمس ( 5 ) ساعات تقريباً، وقيّدت بعض الملاحظات في خمسة عشر ( 15 ) نقطة.
حصلت بعدها على رقم الكاتب المبدع/ إبراهيم عباس، لأناقشه عن بعض المفاهيم في روايته المشهورة، ومن غير مبالغة توجست أنني سأتصل بساحر ماكر، ورجل ترعرع بين الجن والأبالسة، من هول البلاغات وشديد التحذير والنعت بالعبارات.
أجاب على اتصالي، وحينما عرّفته بنفسي وبعملي، استقبلني وكأنه يعرفني منذ عشرات السنين، رأيت منه إنصاتاً عجيباً، وأدباً جمّاً ، وحوار مؤدب رائع، وأخلاقاً راقية، واسلوب أحلى من صافي العسل، تعجبت كيف تكون هذه الأخلاق الإيمانية على ساحر كما يصفه الناس!!!
عرضت عليه النقاط التي دونتها بشأن روايته، تراجعت عن تسعة ( 9 ) ملاحظات دونتها، واتفتق معه على ستة ( 6 ) ملاحظات أخرى .

كان أخي/ ابراهيم يستمع مني ويبادرني بهمّة الاستعداد على أن يغير في الرواية كل مخالفة شرعية، وتكفي هذه المبادرة الطيبة من رجل طيب.
اتصل علي بعدها بيوم، وقرأ علي التعديلات على روايته الشيّقة، وهذا والله من صدق لسانه وصفاء سريرته.
رواية ( حَوجَن ) اقولها بملئ فمي أنها من أجمل الروايات وأروعها التي قرأتها في عالم الروايات والخيال ..
لست مسوغاً إعلاميا لهذه الرواية، لكنني أدين الله فيما أكتب لكم، فالكمال المطلق لله وحده جلّ وعلى، ولا يسلم أحد منا من الخطأ، والرواية الرائعة التي كتبها أخي الكاتب العزيز/ إبراهيم، ليست كتاباً منزّلاً من السماء، بل هي من قول البشر فلها مالها من الصواب وعليها ما عليها من الخطأ.
لكنني أحببت أن اذكركم أيها الأحبة بأمرين مهمين تتعلق في الرواية :
1/ الرواية لا تُعلم السحر كما هو شائع بين الناس، مع تحفظي على لعبة الويجا، ولأهل العلم والفضل كلام في التحذير منها والعدول عنها لا يسعني ذكره، وما ذكره الكاتب في روايته هي من عرض مقام الرواية لا تعليمها.
2/ الرواية من تأملها بأفق واسع يجد أنها، تحذر من السحر والانخداع بالسحرة وتضليلهم على الناس.
كنت أتمنى لكل من روج الإشاعات وتقدم بالبلاغات، أن يكون قد اطلع على الرواية كاملة وترك عنه آفات الأخبار ورواتها.
جميل أيها الأحباب أن نعالج الخطأ بالصواب وأن نأتي البيوت من أبوابها وندع القذف والاتهامات والسب والشتم على مؤلف الرواية، ( لا تكن أنت والشيطان عوناً على أخيك ).
وللإيضاح فهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تصادر الكتب كما اشيع عنها ، بل تقوم بعمل محضر حصر للكمية وترفع الأمر للجان الشرعية وجهة الاختصاص الأولى وزراة الإعلام، وبعدها يُبت القرار فيها.
كنت أتمنى أن يتناصح الإخوان فيما بينهم، ويدَعوا القيل والقال، فهي بُغية الشيطان أن تكون بينهم.


أخي الحبيب/ إبراهيم سر على بركة الله، واستعن بالله أولاً وآخر وثق بالله، وتجرد من حولك وقوتك إلا بالله، وأخلص النية، واتبع السنة، واصبر على ما أصابك واحتسب الأجر من عند الله في ذلك، تفز فوزاً عظيما.. 

والله اعلم ونسبة العلم إليه أسلم وأحكم
كتبه محبك وحافظ ودك
الفقير لعفو ربه وطالب مرضاته


                عبدالله بن سالم السلامة التميمي
رئيس شعبة مكافحة السحرة ومتابعة الرقاة بهيئة مدينة الدمام.
                     0503588645


Sunday, March 18, 2012

حوجَن - الحلقة الثالثة: وأخيراً عرفتيني يا سوسن! HAWJAN3


رواية حوجن متوفرة لدى سيبويه وأمازون وكندل وبوكاتشينو وقريباً في مكتبات جرير و ڤيرچن. رابط التريلر: 

http://www.youtube.com/watch?v=ItwkSbVMULI


لم أتمالك نفسي.. فسافرت على الفور إلى الهندبة (إحدى قرانا في شمال البحر الأحمر) لأسأل صديقي غرمان عمّا حصل في تلك الليلة.. غرمان حكيم جاوز عمره الخمسماءة عام.. وله معكم يا معشر الإنس عشرة طويلة وخبرة بحكم تنقله بين الكثير من بلدانكم وتعايشه معكم..
- هذي لعبة الأويجي! معقول عمرك ما سمعت عنها؟ نطقها غرمان عندما حكيت له ما حدث ليلة الأمس بالتفصيل..
- أنا: أويجي؟؟! لا والله ما سمعت عنها!.. لعبة؟! معقول؟ دول كانوا مرعوبين وأنا كنت مرعوب أكثر منهم!!
- ضحك غرمان وقال: هذي لعبة قديمة بيننا وبينهم.. ياما لعبناها
- أنا: معقول سوسن وصاحباتها يعرفوا يحضرونا؟؟!
- غرمان: يحضرونا؟! ياخي ليش تكبر الموضوع المسألة أبسط من كذا بكثير.. في الأويجي إحنا ما نحتك بيهم بشكل مباشر.. اللي بيحصل إنه قرناءهم بيشوفوا حركة أيادينا على المضرب فيحسسوهم بهذي الحركة.. وبالتالي يحركوا المضرب مع حركتنا.. القرناء هم الوسطاء بيننا وبينهم.
- أنا: يعني شنوش كان مفهمهم إنه جنية وبيتلبس صاحبتهم..
- غرمان: أكيد.. فيه كثير هوايتهم التسلية مع الإنس.. وتلاقيه كل مرة يألف لهم حكاية جديدة.. وهم يصدقوه.
عدت من الهندبة وفي خاطري هاجس وحيد لم أستطع مقاومته.. معقول أستطيع أن أتواصل مع سوسن!! بدأت تلك الفكرة تسيطر على بالي.. وكلما نفضتها تعاودني وتتملك وجداني بشكل أكبر.. بالذات عندما أراقب سوسن قبل أن أخلد للنوم كل صباح وهي تسقي أزهارها وتغني لها وتكلمها.. ليتني زهرة على نافذتك يا سوسن.. أحيا على عذب مائك وأغانيك وهمساتك..

-   حوجن؟ اش فيك مسرح؟ بتر صوت أمي من خلفي سيل خيالاتي.. فأجبتها مرتبكاً
-       أمي؟ مافي شي عادي..
-   أمي: حالك مو عاجبني يا حوجن، من يوم ما سكنوا الإنس بيتنا وإنت كل يوم تسهر لحد الليل.. قاعد تحوم حولين بنتهم.. مايصير
-   أنا: يا أمي إنتي عارفه إنه هذا بيتنا قبل حتى ما يولدوا ومو سهل أبعد عنه بعد فجأه بعد كل هذي السنين..
-   أمي: حوجن.. أنا أمك.. لا تقعد تلف وتدور.. ما يصير نكشف على عوراتهم في بيتهم.. أصحك يا حوجن تقرب منهم.. أصحك! برضايه عليك يا حوجن.. أبعد عنهم..
-   أنا: بضحكة مصطنعه: اش تقولي يا أمي.. من جدك؟ طبعاً مستحيل أقرب منهم.. إحنا ناقصين مشاكل الإنس فوق مشاكلنا؟!
لم يهدئ كلامي سوى القليل من قلق أمي وهمومها.. ولكن كلامها أشعل كل قلقي وهمومي.. معقول؟ هل تعلقت بإنسية؟ لا لا مستحيل.. أنا الذي عرفت مئات الجنيات ذوات الحسب والأدب والجمال ولم تحرك أياً منهن ذرة من مشاعري.. أجلس تحت شرفة هذه الإنسية وأتأوه على غنائها لأزهارها؟؟!!
معقول؟ بعد أن كنت أشفق على عشاق الإنس الذين ملأوا مجالس الرقاة والمصحات ليتعالجوا من تعلقهم بالإنس.. أصبح أنا واحداً منهم؟! تذكرت عبارة خالتي عندما قلت لها: هل عشقك لذلك الإنسي يستحق أن تدمري حياتك وحياته؟! قالت لي: ياحوجن الحب ما يفرق بين الإنس والجن..
حب؟ معقول أكون وقعت في حب إنسية؟ معقول أحبك يا سوسن؟
في عرفكم حب من هذا النوع يعتبر ضرباً من الخزعبلات.. حتى لو تجاوزنا الاختلاف الجذري في التكوين، مع استحالة التواصل، مع فرق السن الذي قد يشكل مشكلة بالنسبة لكم يا بشر (بالنسبة لنا هذا الفرق طبيعي.. فوالدي أكبر من والدتي باثنين وثمانين عاماً!).. لكني أعود وأكرر مقولة خالتي.. الحب فوق كل الفروقات!!
أقنعت نفسي، أو بالأصح أوهمتها أن القليل من الاهتمام والفضول والإعجاب لا تضر.. وفي نهاية المطاف كل واحد منا في حاله.. في عالمه المخفي عن الآخر.. يكفي أن أراقبك يا سوسن من بعيد.. أستمع وأستمتع بغنائك لأزهارك.
آه.. ولكن ما يمزق خاطري هو أنها لا تشعر بي، لا تدرك أني موجود أصلاً! انقطع حبل خواطري وأنا جالس في غرفة سوسن الخالية بين سريرها ومكتبها عندما انفتح بابها بشدة، ودخلت سوسن وأغلقت الباب خلفها بتوتر.. وأسرعت تفتح كمبيوترها وتضع فيه اسطوانة أخرجتها من حقيبتها. انتقل توتر سوسن وقلقها إلي وأرغمني فضولي مرة أخرى على أن أقف خلف كرسيها وأراقب شاشة اللابتوب.. ظهرت صور سوداء على الشاشة استطعت أن أميز فيها مقاطع لدماغ بشري، وذلك بحكم دراستي حيث أننا نتطرق إلى دراسة التشريح البشري في تعليمنا. قلبت سوسن الصور المقطعية للدماغ وظهرت تلك البقعة التي لا تعني سوى أن صاحب ذلك الدماغ مصاب بورم مميت. التفت إلى سوسن عندما سمعت صوت بكائها الصامت.. وكأنها تخشى أن يشاركها أحد كل ذلك الحزن. رأيت نهر دموعها يسيل على وجنيتها.. ويهطل على الكمبيوتر وعيناها محدقتين في تلك الصورة على الشاشة. مددت يدي إليها، أعلم أنها لن تلمسها، مررت أناملي على وجنتيها، حاولت محاولة متأكد مسبقاً من فشلها أن أمسح تلك الدموع.. رأيت يدها تعبر خلال يدي وهي تمسح دموعها.. انتفضت سوسن ونظرت خلفها وانتفضت أنا مع أني أعلم أنها لم تشعر بي.. ورأيتها تطبق جهازها بعنف وتمسح ما تبقى من دموعها بسرعه وتركض نحو باب الغرفة تفتحه فقد أحست بقدوم والدتها.. خرجت أنا بسرعة والتفت خلفي لأرى سوسن وهي تطفو من أعماق حزنها إلى قمة المرح وهي تحادث والدتها.
هل يعقل أن يكون الدكتور عبدالرحيم مصاب بالسرطان؟ لقد لاحظت حديثه المتكرر عن تقدم السن والآلام التي يعاني منها.. كنت أظن أن كل تلك أعراض طبيعية لشخص عاش نضالاً مريراً لسنوات عديدة فقط كي يؤمن منزلاً لأسرته، ويرى أبناءه يكبرون أمامه ويستعدون لخوض معترك الحياة.. كل من يصل إلى تلك المرحلة تبدأ لديه هواجس الكِبَر.. ولكن لم أتوقع أن يكون الأمر بتلك الخطورة! كل تقديري واحترامي لك يا أيها الدكتور المناضل في زمن استأسد فيه السفلة والمتملقون.
لا أخفيكم أنني أصبحت أتحين الفرص لأتواجد بقرب سوسن، ولكني عاهدت نفسي أن أتحاشى الوجود معها وهي بمفردها احتراماً لخصوصيتها.. وكنت أخون ذلك العهد أحياناً عندما أعجز عن مقاومة مراقبتها من بعيد وهي تمارس عادتها اليومية بتدليل أزهارها فجر كل يوم.
وكانت تلك الليلة عندما خرجت سوسن بصحبة زميلاتها أريج وخلود إلى كوفي شوب على الكورنيش، وكالعادة تغلب علي فضولي فتبعتهم إلى هناك.. ترددت وأنا أنساب خلف سيارة خلود وكدت أن أعود أدراجي عندما تذكرت كلام أمي.. ولكنني استمريت في ملاحقتهم.. وعندما توقفت السيارة عند إشارة المرور اقتربت من نافذة السيارة الخلفية حيث تجلس سوسن وصديقاتها واختلست السمع والنظر إليهن وهن يتبادلن الأحاديث والضحكات عن المواضيع ذاتها: الأولاد ومغامراتهم.. وفجأة شهقت خلود التي كانت تجلس ناحية النافذة التي أنظر منها والتفتت نحوي مباشرة التفاتة أفزعتني لدرجة أنني انسحبت بسرعه.. سألتها سوسن:
-       خلود؟ بسم الله عليكي اش فيه؟
-       خلود: حسيت إنه فيه أحد يطالع علينا من الشباك!
-       أريج: أقول ريحينا يا خلود.. تري محنا ناقصين خزعبلاتك!!
-   سوسن: خلود تري من جد إنت بتتأثري بالأفلام اللي تشوفيها والمواقع اللي منتي راضيه تسيبيها!
-   خلود: والله ما أمزح معاكم.. من جد حسيت إنه فيه خيال واحد يطالع فينا واختفى فجأة!
-   أريج: بالله عليكي لا ترعبيني.. يكفي اللي حصل لرهف ذاك اليوم..
انتهى ذلك الحوار.. ولكن قلقي لم ينته، سمعت من قبل أن بعضكم يشعر بوجودنا، وقد يرانا.. يحكي لي بعض أصدقائي أن أبناءهم يلعبون مع بعض أبناء الإنس، والبعض كان يحلف لي أن هناك أناس يرونه.. على العموم الحجاب الذي بيننا لغز لا نعرف منه إلا الشئ اليسير.
نعود لسوسن وصديقاتها، تبعتهن إلى داخل الكوفي شوب المزدحم، وبدأت أشعر بالتوتر وأنا محاط بهذا الكم من البشر وأصبحت متوجساً من كل شخص ينظر نحوي بعد أن أرعبتني خلود عندما لمحتني من السيارة. لحسن حظي جلس البنات على طاولة بأربع مقاعد، فجلست أنا على المقعد الخالي إلا من حقائبهن. وانشغلت بمراقبة سوسن التي كانت تختلف عنهن، فهي لا تشاركهن ذلك التفكير السطحي وإن كانت تجاملهن بابتساماتها وإيماءاتها وفي عينيها حزن لم يلاحظه أحد غيري. لم تهمني مواضيعهن إلى أن عادت خلود وفتحت سيرتنا.. أقصد سيرة الجن، أعلم أن قصص الجن تحمل لكم الكثير من الإثارة والمتعة والخوف أيضاً، حتى أصبحت جزءاً لا يتجزأ من جلساتكم وكما ذكرت لكم في بداية سطوري فقد سئمت من المبالغات الأسطورية الخزعبلاتيه التي تضفونها إلى واقعنا! فكل من يلمح ثوباً على حبل الغسيل يدعي أنه رأى شيخاً طائراً بلحية بيضاء يشع النور من عينيه. لكنني بالرغم من ذلك لمست الصدق في كلام خلود وهي تحكي قصصها والمواقف التي حصلت لها شخصياً، فقد كانت جميعها منطقية بالنسبة لي على الأقل. ومع اندماج سوسن وأريج مع قصص خلود فاجأتهم قائلة:
-       اش رأيكم نلعب أويجي؟!
-       سوسن: من جدك؟ إنتي جبتيها معاكي؟
-   أريج: أقول يا خلود روقينا الله يخليكي أنا ملكتي بعد شهر وماني ناقصه أقابل ولد الناس وأنا ملموسة!!
-   خلود (متجاهلة كلام أريج): مو لازم أجيب البورد معايه.. الجن موجودين في كل مكان ونقدر ندردش معاهم وقت ما نحب..
قالتها وأزاحت أكواب القهوة لتنتشل الورقة التي يفترض أن تكون وضعت غطاء للطاولة.. قلبتها على الجهة البيضاء ونادت:
-       Excuse me please
هرع إليها الجرسون وتعجب عندما طلبت منه قلماً فناولها قلمه.. وبدأت تخط الحروف والأرقام على تلك الورقة.. كنت متأكداً أن لوحة الأويجي بذاتها لا تحمل أي تعاويذ، وأن فكرتها قد تنطبق بأي أسلوب.
انتهت خبيرة الجن خلود من تجهيز لوحة الأويجي البدائية، وجالت بعينها تبحث عن شئ ما، وابتسمت وهي تتناول قارورة الماء البلاستيكية من أمام أريج
-       عن إذنك.. حاستلف غطا القارورة..
-   أريج: ايه تبغي تدنبشيني؟ وبعدين عمرك شفتي أويجي عربية؟ والله تطورنا..
-   خلود (متجاهلة تعليق أريج مرة أخرى) يللا يا بنات.. حطوا أصابيعكم..
انتصر الفضول كعادته ووضعت كل منهن سبابتها على الغطاء المقلوب على الورقة.. وقادت خلود الجولة كعادتها وهي تقول:
-       فيه أحد؟ فيه أحد؟
أعتقد أن فضولي تقهقر هذه المرة أمام رعبي منكم، واحترامي لوعد والدتي..
-       فيه أحد؟ فيه أحد؟
كررتها خلود.. وشاركتها أريج هذه المرة..
-       شكلهم الجن مقاطعين ستاربكس!!
قالتها سوسن فضحكت أريج وضحكت أنا معها.. ولكن خلود استمرت:
-       فيه أحد؟ فيه أحد؟
هذه فرصه قد لا تتكرر.. أستطيع أن أتحدث إلى سوسن.. أن أخبرها من أكون، أن أخبرها أن عينيها أذابت الجن! وغناءها أسكرهم!!
-       على قولك شكله فعلاً مافش جن هنا غيرنا
قالتها خلود بعد أن يأست.. فبادرتها أريج بعد أن رفعت إصبعها:
-       يا شيخة إنتي من جدك مصدقة هذي الخزعبلات؟؟ كله شيزوفرينيا يا ماما.. الجن مو فاضين لنا! هاتي غطا القارورة بس، شكله اتدنبش.. يبغالي أشرب خطيبي من هذي القارورة عشان يطيح فيّه أكتر.. ويشوف البنات الباقين كلهم شبه محمد هنيدي..
مددت يدي لا شعورياً إلى يد سوسن.. كمن يتلقف الفازة الكريستالية الثمينة قبل أن تسقط.. ولكنني لم ألحقها.. رفعت أناملها قبل أن أصلها. فبقيت يدي ويد خلود.. حاولت جاهداً أن أحرك ذلك الغطاء تجاه كلمة (نعم).. حاولت وحاولت ولكن الغطاء لم يتزحزح..
-   يابنات لازم نقول مع السلامة إحتياط.. يمكن فيه جني كدا وللا كدا؟ من جد ما بامزح..
تجاهلتها أريج التي انشغلت بالرد على اتصال خطيبها بدلال، ومدت سوسن يدها.. فخفق قلبي (نعم عندي قلب) بعنف وعدت أحرك الغطاء بأناملي المرتعشة.. فتحرك.. تحرك الغطاء متثاقلاً تجاه كلمة (مع السلامة).. فاندهشت خلود وسألت على الفور:
-       فيه أحد؟؟!
حركت الغطاء تجاه كلمة (نعم) فترنح قليلاً على الورقة بين الحروف إلى أن شق طريقه نحوها..
ابتسمت خلود واتسعت عينا سوسن وفغرت أريج:
-       أقول لؤي أكلمك بعدين باي..
وألقت موبايلها.. وهي تقول:
-       بتمزحوا!! بلاش المزح الرزيل دا!
أجابتها خلود:
-       حطي صباعك معانا بسرعة..
وضعت أريج إصبعها على الغطاء، فأحسست أن حركته أصبحت سلسة.. وبدأ يطفو على سطح الورقة فوق كلمة نعم..
أعزائي.. أنا الآن أتكلم مع سوسن..لأول مره في حياتي.. ياترى ماذا أقول لها؟؟ أقول لها أنني جني؟ أكبر سناً من جدها الذي توفى قبل خمسة عشر عاماً؟ وأسكن مع أهلي في بيتها؟؟!! ياله من موقف.. ليتني لم أضع إصبعي.. لولا أني أخشى أن أصيبهم بالهلع كما حصل المرة السابقة لعدم إنهاء اللعبة لرفعت إصبعي على الفور.. سوسن ماذا أقول لك؟ ما الذي يمكن أن يثير إعجابك بي؟ لم تمهلني خلود الوقت لترتيب أفكاري:
-       ذكر وللا أنثى؟
حركت إصبعي فانساب الغطاء على اللوحة:
-       ذ ك ر
-       اش اسمك؟
هل أخبرك باسمي يا سوسن؟ ستستغربين.. وقد تضحكين.. هل أستعير اسماً بشرياً؟.. لا يا سوسن.. لن أخبرك سوى الحقيقة!!
-        ح و ج ن
-       حوجن؟
نطقتها أريج بضم الحاء.. فأصبح فعلاً مضحك! فتحركت بسرعة نحو كلمة (لا) وعدت أرتب الحروف:
-       ح و ج ن
قالت أريج:
-       ما قلنالك حُوجن يا أخي..
قالت سوسن:
-       يمكن حَوجن مو حُوجن.. زي اسمي
أصبت بالذهول.. يالغبائي.. لأول مرة أكتشف أن اسمي قريب لهذه الدرجه من اسمها.. لقد سمعت اسمي منها وكأنما أسمعه لأول مرة في حياتي.. وكأني ولدت للتو وأطلقت هي علي هذا الاسم.. لقد عشقت اسمي.. نطقته سوسن! خرج من بين شفتيها..
أخرجني سؤالهن المشترك من احتفالي الذهني البسيط..
-       اسمك حَوجن؟؟
فقت من ذهولي وتحركت على الفور تجاه كلمة (نعم) وحمت بالغطاء فوقها ثم عدت مرة أخرى على الحروف:
-       ح و ج ن   س و س ن   ح و ج ن   س و س ن
-       الأخ طاح عندك.. جنية من يومك يا سوسن!
قالتها أريج فأشارت إليها خلود بالصمت.. وعادت تستجوبني:
-       كم عمرك يا حوجن؟
أخ! هذا السؤال الذي لم أكن أتمناه أبداً.. ماذا أقول الآن.. قلت لهن العبارة التي افتتحت بها حديثي معكم:
-       ش ا ب
-       90
ضحكت أريج وهي تقول:
-       هاهاهاي.. لوحة سيارة هذي وللا ايش.. والـله هذا الجني فلّه!!
-       خلود: مسختيها يا أريج.. هذا المزح ما ينفع
-       أريج: ما عليكي.. عندنا واسطة.. القيرل فرند حقه سوسن..
على قدر ما ضايقتني مزحتها الأولى.. على قدر ما دغدغت مشاعري مزحتها الثانية..
-       خلود: عمرك تسعين سنة يا حوجن؟
حركت الغطاء بخجل نحو (نعم) وقبل أن أصل مرة أخرى.. نطقت سوسن أخيراً:
-       متزوج؟
-   أريج: أكيد يا بنتي متزوج وعنده خمسين ابن وميتين حفيد.. بيقول لك عمره تسعين سنه!!
قاطعت أنا أريج هذه المرة عندما حركت الغطاء نحو (لا) وقلبي يكاد يقفز من الفرح.. فسؤال سوسن يدل على أنها اقتنعت بأني شاب.. أو هذا ما أحاول إقناع نفسي به! فعادت وسألتني بكل رقة:
-       ليش يا حوجن؟
ولثاني مرة أشعر أني أسمع اسمي لأول مرة.. ولكن بم أجيب؟ أنقذتني أريج التي لا تكف عن المزح:
-       ليه؟ ما عندكم بنات جنيات حلوين زينا؟
فأسرعت إلى (لا) ودرت عليها مراراً.. فضحكن وعقبت أريج كعادتها:
-   ألحقي يا سوسن البوي فريند حقك غزلنجي من أولها!! اسأليه يا خلود كيف شكله؟ فين ساكن؟
أنقذت سوسن الموقف عندما أطلقت إحدى ضحكاتها الرقيقة وقالت:
-   يابنات لازم نروّح، عندنا محاضرات الصبح بدري.. نسيتوا وللا ايه؟
-   أريج: وكمان المطعم كله بيتفرج علينا كأننا البنات اللي في مسلسل انشانتند.. نروح بكرامتنا أحسن قبل لا ينادوا لنا الهيئة..
-       مع السلامة يا حوجن
مزقتني خلود عندما قالتها فاتجهت نحو (مع السلامة) ورفعت يدي، فتوقف الغطاء كالحجر..
-       خلاص؟ أقدر أغطي قارورتي؟.. سامحني يا لؤي!!
لملم البنات أغراضهن استعداداً للانصراف وقالت سوسن:
-       أحسن نشيل الورقه دي لا يجي أحد يشوفها..
أخذت الورقة ودستها في حقيبتها وتركتني في خليط مشاعري.. بقيت في الكوفي شوب.. وصوتها الرقيق يتردد في خاطري عندما نطقت اسمي.. يتكرر بلا توقف حتى أشرقت الشمس.