Thursday, December 5, 2013

حوجن وتفنيد الشائعات

بداية لم أكن أتمنى أبداً أن أضطر لإبداء أي تفنيد أو توضيح في مجتمع تغلب عليه حسن النوايا والظنون والأدبيات الأخلاقية والدينية، لذا فتوضيحي هذا أستهدف به القلة الذين لم تتح لهم فرصة الاطلاع على الرواية بأنفسهم في الوقت الذي انهالت عليهم الشائعات والافتراءات، لا لأدافع عن نفسي، بل لأبين لهم حيثيات تلك الشائعات فيظن المسلمون بأنفسهم خيراً، ولا يخدعهم شيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وشائعة تسري في الأوساط مسرى السم.
في ظل المد الغربي الذي يستهدف شبابنا منذ سنوات عبر الروايات والأفلام والألعاب التي تروج للادينية والماسونية وتعلم السحر والشعوذة وانتشارها الساحق بين أبنائنا وغياب الحراك التوعوي ضدها وعدم توفر البديل لجيل متعطش لكل ما هو ممتع ونافر من الخطاب التوعوي التقليدي المباشر، قررنا أنا وشريكي ياسر بهجت أن نبدأ بادرة لسد هذه الثغرة، بادرة يتخيلون: إثراء محتوى الخيال العلمي النابع من بيئتنا والمتماشي مع قناعاتنا وثوابتنا وإنتاج أعمال تنافس المنتج الغربي في القيمة التشويقية وفي نفس الوقت تروج لقيمنا وقناعاتنا، ليس بين شبابنا فحسب، بل وتصدر قيمنا تلك إلى الغرب باستخدام نفس الأدوات التي يستخدمونها هم لتصدير قيمهم إلينا.
كان أول نتاج لنا رواية حوجن، وأدعوكم بداية أن تشرفوني بقراءتها بعيداً عن موجة الشائعات الذي تلقفها الناس عبر مصدر "كما وصلني" و "تحذير من ثقة" دون اطلاع ولا دليل متحمسين لنشر التهم والأباطيل والقذف من باب التحذير والنصيحة متناسين قول الله تعالى "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" وأمره لنا أن نتبين قبل أن نصيب قوماً بجهالة. تتبعت الكثير من مروجي الإشاعة وتواصلت معهم لأفاجأ بأنهم اندفعوا خلفها مؤجرين عقولهم وعواطفهم لمن افترى الكذب وروج له دون حتى أن يكلفوا أنفسهم عناء التأكد وقراءة الرواية بأنفسهم، أو حتى عناء التواصل معي مباشرة ً بالرغم من أن بريدي ومعرفي على أول صفحة فيها. بل والعجيب أن بعضهم أصر على قذفي واتهامي بتهم تصل للشرك بالله وعندما أطلب منهم مواجهتي في جهة رسمية كاشفين عن أسمائهم الكاملة ومقدمين أدلتهم يتهربون ويستمرون في التأليب والترويج للكذب ولي المعاني مراهنين بانجراف من تأخذهم العاطفة والحماسة دون العقل والدليل، متناسين أن كذبهم ستفضحه أول بادرة تقصي واطلاع
الرواية منتشرة منذ سنة ونصف، زوار المدونة تجاوزوا المئة ألف، المبيعات الورقية تجاوزت ثلاثة وعشرين ألف نسخة غير النسخ الإلكترونية ومبيعات موقع أمازون وكندل والنسخ الإنجليزية. عندي أرشيف يحوي عشرات الآلاف من الملاحظات من القراء، جلها إيجابية، والسلبي منها كان إما ينتقد الأسلوب الكتابي التصويري الذي يختلف مع الروايات الكلاسيكية، أو ينتقد المثالية الزائدة في الرواية كونها تروج للكثير من القيم الدينية والأخلاقية ومحاربة مظاهر الشرك والشعوذة والسحر والتنبيه إلى كثير من مظاهرها المنتشرة وتعزيز قيم الإيمان بالله والثقة به والتعلق به وحده، والتنبيه من التواصل مع عالم الجن والاحتكاك بهم والذي بينته بشكل لا يخفى إلا على حاقد أو متغافل ناهيك عن العديد من القيم الأخرى التي عززتها الرواية كالتلاحم الأسري والنبل والتضحية وتنبيه الفتيات من الانجراف نحو حيل الشباب المستهتر إلى آخر ذلك من قائمة تطول يشهد عليها من قرأ الرواية. وتستمر إشادتهم ويتواصل ثناؤهم لكتابتنا لرواية جعلت من لا يقرأون من أبنائهم يقرأون. لم تأتني ملاحظة واحدة من بين مئات الآلاف من القراء (منهم مشايخ راسخون في الدين والعلم ورجال علم ورجال دولة) تدعي ما تروج له الشائعات، ولا أزال أكرر في وجه الأفاكين: من يمتلك منكم الشجاعة والدليل فليواجهني مباشرة أمام جهة رسمية! فإما الإثبات أو الإدانة بتهمة القذف والتشهير.
كنت أقضي ٧٠٪ من الوقت في الدراسة والتحليل وسؤال من أثق بعلمه ودينه وعقليته والبحث في المصادر الشرعية والعلمية والنفسية قبل أن أهم بالكتابة، وتجاهلت نصائح بعض المؤلفين بأن أحصل على الفسح من خارج المملكة تفادياً لعرضها على اللجنة الشرعية في وزارة الإعلام، ولكنني أصررت أن أفسحها من وزارة الإعلام في المملكة لثقتي في مضمون روايتي ولحرصي على معرفة الملاحظات عليها من قبلهم إن وجدت. ومع ذلك تم فسحها دون أي ملاحظات، وصورة الفسح مرفقة بالأسفل ورقمه: ٣٠٢٠٨٧ موقع من السادة مصطفى بن محمد النعمي وعابد بن عبدالله اللحياني.
حققت الرواية بفضل الله نجاحاً وانتشاراً لم يخطر ببالنا وأصبح الشباب يتهافتون عليها بدل تهافتهم على روايات السحر والماسونية واللادينية والانحطاط الفكري والأخلاقي والتي تملأ المكتبات والأجهزة ناهيك عن تهافت الشباب عليها في الإنترنت والتي أستغرب من تغافل المتحاملين والمفترين على رواية حوجن بحجة الغيرة والدين عنها كل هذه السنين. مع انتشار الرواية أصبحت متداولة وبشكل كبير في أروقة المدارس، بالذات مدارس البنات، يتداولونها ويقرأونها بين الحصص. طبعاً يسعدني انتشار القراءة ولكن لا يرضيني أبداً أن تكون روايتي أو أي كتاب آخر سبب إلهاء عن الدراسة وإن كان كتاباً علمياً. ردود الأفعال نحو تلك الظاهرة في المدارس تفاوتت من تنبيه على أهمية عدم الانشغال عن الدراسة بأي شئ آخر مع تشجيع على الثقافة والاطلاع بوعي وتحت إشراف يجعل الناشئة يستمتعون بالمادة المقروءة ويضعونها بما فيها من قيم ترفيهية خيالية ورساءل قيمية في نصابها. ولكن بعض ردود الأفعال كانت عاطفية انفعالية وحملت مبالغات غير مبررة وصلت لدرجة اتهامي بالكفر والشرك والسحر والترويج له ومصادرة الرواية وحرقها وفصل الطالبات (بصدد تقصي وإثبات أكبر قدر من هذه الحالات والاتهامات). ردة الفعل هذه تناغمت مع الشائعة التي انتشرت عبر الواتس آپ وبدأت تظهر أساطير الجن الذي ظهر للبنات في المدارس وتلبسهن وشلهن عن الحركة بسبب الرواية، كل ذلك فجأة بعد انتشار الإشاعة وبعد سنة ونصف من صدور الرواية كأن العفاريت انتظرت سنة ونصف وتجاهلت مئات الآلاف ممن قرأوا الرواية واستمتعوا بها وأشادوا بها ثم قرروا فجأة الظهور لبنات المدارس في تلك القصص الوهمية. أكرر رجائي: من قرأ الرواية وظهر له جني فليتفضل باسمه الكامل وأدلته أمام جهة رسمية. لم يتوقع مروجوا الإشاعات حرصي شخصياً على تتبع ما يثار حول حوجن ومواجتهم بشكل مباشر، اعتذر كثير منهم، وعاد وشكرني بعد أن اطلع على الرواية واكتشف بنفسه بطلان ما اتهمت به، وتحولوا إلى مدافعين ضد الاتهامات بعد أن كانوا مروجين لها. بعد أن عجز من اتهموني بالسحر والشعوذة وأن الرواية تحمل طلاسم كفرية عن استخراج دليل أو أي مقطع من الرواية يثبت أكاذيبهم اتجهوا إلى تهمة جديدة وهي الترويج للعبة ويجا السحرية التي تحضر الجن والأرواح كما يدعون. وكونهم لم يقرأوا الرواية، أو قرأوها وأخذتهم العزة بالإثم، تناسوا أن الرواية تحذر وبوضوح من هذه اللعبة وأنها أعزت جميع المصائب التي مرت ببطلتها وعائلتها إلى تساهلها في التواصل مع الجن عبر لعبة الويجا وضعف الإيمان وغياب التحصين فانجرف والدها خلف أوهام الدجالين والسحرة والمشعوذين وكاد أن يقع في الشرك الأكبر ولكنه نجى ونجت عائلته بعودته إلى الله واستغفاره له وتعلقه به وحده. أنا أحذر من الويجا التي عُرفت وانتشرت بين الفتيات من عشرات السنين وهم يتهمونني أنني أروج لها بسبب محاولة مجموعة من المراهقات لعبها بعيداً عن إشراف أوليائهن. ذلك الإشراف الذي نعلم جميعاً أنه ضروري حتى عند اطلاع المراهقين على النصوص الدينية وأي مادة علمية أو ثقافية أو ترفيهية، ناهيك عن رواية تتطرق لعالم الجن الغيبي. ونصيحتي للآباء والأمهات والمعلمات: هذه فرصة لتأدية أمانتكم في توعية بناتكم، ولكن بأسلوب يليق بمكانتكم، وبتعاليم ديننا، وبعقلياتهم. أسلوب التشنيع والتهويل والكذب وإهمال العقل والمنطق والحكمة لن يجدي.. والله لن يجدي. سيخلق هوّة بينكم وبينهم، ستتلاشى ثقتهم فيكم عندما يقرأون رواية أمتعتهم وأفادتهم وعززت قيمهم الإيمانية والأخلاقية وتأتون أنتم لتصادروها وتصادروا معها عقولهم بعد أن صودرت عقولكم أنتم، وتعنفوهم معتمدين على إشاعات كاذبة واتهامات وافتراءات مصدرها رسالة واتس آپ، أو تحذير من شخص لم يفتح الرواية أصلاً. التهاون في هذه الأمانة الدينية التعليمية التربوية الأخلاقية كارثة أكبر بكثير من الوهم الذين يظنون أنهم يحاربونه بحملاتهم. واسمحوا لي بكلمة جانبية يا من سخرتم الجهد والوقت لمحاربة رواية حوجن: لماذا لم يتواصل معي أحد؟ لماذا لم تنصحوني كما يتناصح المسلمون فيما بينهم؟ هل هذه الحملة من دافع حرص على الناشئة؟ وإن كان كذلك هل قرضتم جميع الآفات ولم يبق إلا حوجن يثير فيكم الرعب فتقيمون هذه الحرب؟ هل تشنجت أيتها المعلمة التي عنفت طالبة لقرائتها رواية حوجن عندما شاهدت ابنتك فيلم هاري پوتر أو لعب ابنك لعبة كول أوف ديوتي؟ ولو فرضنا أن أبناءك منزهون عن الأفلام والألعاب والروايات والقنوات التليفزيونية ومواقع الإنترنت.. هل تحركت غيرتك تلك لتناصح أبناء عائلتك؟ جيرانك؟ أصدقائك؟ بنات المدرسة على أي شئ سوى رواية حوجن؟ أم أنك تزكين كل تلك الأفلام والروايات والألعاب والمواقع المنتشرة في كل مكان حولك؟ أم هي مجرد "موضة" تحذير من رواية حوجن بالذات والترصد لكل كلمة فيها وكأنها منهج علمي لا مجرد رواية خيالية بدون احترام للعقل ولا المصداقية ولا الأمانة؟ موضة تشبه كثيراً موضة التحذير من البوكيمون والبلوتوث وجوال الكاميرا لن تلبث أن تتحول إلى نكتة ثقيلة مبكية تتظاهرين بالصمم عندما تسمعينها في المستقبل. عندما تتذكر طالباتك هذا الموقف منك، ويصبح هذا هو المثل المرتبط بك.
القضية هنا ليست قضية كتاب وفسح ومنع ومبيعات، بالعكس منع الكتاب يصب في مصلحة تسويق الكتاب فكل ممنوع عندنا مرغوب. أنا أحترم قرار أي أب أو أم أو معلمة أو مديرة مدرسة في منع أبنائهم وبناتهم من أي شئ لأن ذلك حقهم التربوي والتنظيمي، ولكن تألمي من أن يستخدم الكذب والتهويل في تبرير ذلك المنع! وعندما يتمادى ذلك التهويل إلى اتهامي وقذفي فعندها تتحول القضية إلى قضية جنائية أجد نفسي مضطراً لملاحقة من اقترفوها، لا لدافع الانتقام الشخصي والدفاع عن نفسي فيقيني بالله وعدله لا تهزه إشاعة، وإنما لأن واجبي يحتم علي أن تصل الرسالة واضحة لجميع من خاض في هذا: نحن مسلمون، والرسول صلى الله عليه وسلم قرن حرمة أعراضنا بحرمة مكة في يوم عرفة. لا بد أن يعرفوا تماماً أن الله الذي سيحاسبني على ما كتبت، سيحاسبهم أيضاً على ما كتبوا ونشروا وتناقلوا وروجوا، لا بد أن يشاهد الناشئة أمام أعينهم مثلاً كيف أن من يخوض في الأعراض ليس له عزاء، وإن كانت له مكانة تعليمية أو توعوية أو تربوية. القضية هنا قضية ثوابت وبديهيات دينية وتربوية وعقلانية وأخلاقية، ليتهم سخروا هذه الجهود لإعطاء الناشئة مثلاً في تطبيق فقه التعامل مع الشائعات الذي أدبنا به الله تعالى في سورة النور والحجرات، ليتهم سخروا مناصبهم وأمانتهم العلمية في تدريبهم على كيفية الانتهال من مختلف المصادر العالمية وتمييز الجيد للاستفادة منه من الردئ لتلافيه. ليتهم تنبهوا إلى أننا في العام ٢٠١٣م، وأنهم مؤتمنون لتربية أجيال ستواجه الأعوام ٢٠٢٠م و ٢٠٣٠م و ٢٠٤٠م فالانفتاح على العالم الذي نراه اليوم لا يذكر بما سيكون غداً.. كيف ستواجهه الطالبة التي تربت على أسلوب الردع والتلقين والتقوقع ومحاربة كل فكر آخر وتعطيل العقل وتأجيره.. إنها جريمة.. ترتكب في حق ناشئتنا وأمتنا.
أما بالنسبة للعبة الويجا، فبالرغم من أنني حذرت منها ومن التواصل مع الجن في الرواية ومع ذلك لم أتحدث عنها في الرواية إلا بعد دراسة مطولة بدأت من عدة سنوات. هل يعقل أن مراهقة تستطيع أن تتجاوز الحجاب بيننا وبين عالم الجن بورقة من دفترها وغطاء بلاستيكي وتتواصل معهم وتحضرهم؟ من دراستي لظاهرة لعبة الويجا منذ سنوات لم يثبت لدي إلا التفسير العلمي وهي أنها إيحاءات جمعية وحركة عصبية لا شعورية اسمها ideomotor-effect درسها علماء النفس والأعصاب وأثبتوها بالتجارب والبراهين لا تعدو كونها انعكاسات من العقل الباطن لأحد اللاعبين فيدفعها عبر شغفه وحماسه لصياغة سيناريو يتماشى مع هاجسه المسبق تماماً كما يصوغ الأحلام فيدفع ذلك اللاعب القرص ويتحرك معه باقي اللاعبين ويعتقدون أنه يتحرك من تلقاء نفسه، لذا من يلعبها في الصين يتصور أنه يستحضر روح تنين ومن يلعبها في إمريكا يتصور أنه يستحضر روح جده الميت ومن يلعبها عندنا يتصور أنه يستحضر مارداً من الجان كلاً حسب قناعته وهاجسه المسبق، وطبعاً من لا يؤمن بالجن أو بالأرواح لا تنفع معه اللعبة. ومع عشاق الإثارة والخرافة تنهال الأساطير، فمن عندها تلبك معوي تقول أنها تألمت واستفرغت بسبب اللعبة ومن شعرت بتيار هواء تقول أن الجني دخل الغرفة فتصاب بالهلع ويتلاقف الناس هذه الترهات فيهولونها ببهاراتهم. وإسكاتاً للمتصيدين أعود وأؤكد أنه ومع قناعتي بكل هذا حذرت من اللعبة بشكل واضح في الرواية، وكون عدداً من المراهقات جربها بسبب البيئة الخالية من الإشراف المحفزة للوسوسة التي تحيط بهم لا يدينني بأني علمتهم السحر والشعوذة، بل الأحرى أن يعلمهم أباؤهم ومعلميهم أن كل هذا مجرد خيال كأي فيلم أو قصة أو لعبة خيالية، وإلا فلنحاكم شركات السيارات بسبب سواقة المراهقين لها، ولنوقف استيراد السيارات لنتخلص من شرورها في بلادنا (أستطيع أن أستخدم نفس الفكر الترهيبي التهويلي المتصيد لأبين شناعة أي شئ يمكن أن يخطر ببالكم).
انتشرت رسالة الواتس آپ التي كانت تفتري على الرواية وتطالب الناس بالتوجه إلى مراكز الهيئة ومطالبتهم بسحبها من المكتبات، وانهالت الاتصالات على مراكز الهيئة استجابة لإشاعة الواتس آپ، وما كان من مراكز الهيئة إلا أن تحركت للتأكد والتفنيد فطالبت المكتبات بالتحفظ على الرواية وعدم بيعها أو إرجاعها لحين الاطلاع عليها من قبل المختصين في شعبة محاربة السحر والشعوذة في الهيئة والتأكد من خلوها مما نسب إليها. وهنا حصل صدام خطير جداً وتحول الموضوع إلى قضية رأي عام داخل المملكة وخارجها، فمن جهة انصب اللوم على الهيئة ممن اعتقدوا أنها اتخذت قراراً بوقف الرواية متعدين صلاحيات وزارة الإعلام بالذات ممن قرأها وعلم يقيناً خلوها مما أشيع عنها، ومن جهة أخرى شعر مروجوا الإشاعات بالنشوة والزهو معتبرين أن الهيئة استجابت لمطالبهم وأوقفت الرواية كلياً دون تحقق.
ولكن الهيئة كانت أرقى وأحكم من ظنون الفريقين، فما أن تم التحفظ بحثت عن أرقام الهيئة وتواصلت معهم مباشرة وقمنا كشركة يتخيلون بزيارتهم متمثلين بي أنا وشريكي ياسر بهجت وأخي عمر عباس إمام وخطيب مسجد التوابين والذي كان من المنتسبين لجهاز الهيئة وكان أيضاً ممن أنهكتهم بالأسئلة الشرعية أثناء كتابة الرواية لما له من علم وحفظ ودراية. كانت جلستنا مع الإخوان في الهيئة في قمة الرقي واللطف والمهنية، أكرمنا الإخوان في شعبة مكافحة السحر والشعوذة بحديث مطول تم خلاله تفنيد الرواية وما نسب إليها ودعونا لزيارة معرض السحر والشعوذة وأهديتهم نسخ موقعة من الرواية للاطلاع عليها والتأكد. وأكدوا لنا أنا التحفظ على الرواية ليس سوى إجراء احترازي مؤقت إلى أن يرفعوا تقريرهم إلى الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وبعد هذه الزيارة للإخوان في الهيئة تلقيت اتصالاً من أخي الشيخ عبدالله السلامة رئيس شعبة مكافحة السحر والشعوذة في هيئة المنطقة الشرقية، اتصاله كان مفاجئاً جداً لي، ليس كونه مباشراً من رجل بهذه المكانة في الهيئة فحسب وإنما للإطراء والإعجاب الذي أبداه أخي عبدالله (أفضل صدقاً أن أناديه أخي عن أن أناديه فضيلة الشيخ) بالرواية، حيث أنه اشترى بماله نسخة من الرواية عندما تلقى البلاغات عنها وقرأها بنفسه في غضون ساعات، وبحث عن رقمي إلى أن حصل عليه وأصر على التواصل معي بشكل مباشر ليبدي إعجابه واستمتاعه بالرواية وإشادته لما حملته من قيم ومعان ووصف دقيق للواقع وكشف لحيل السحرة والمشعوذين ودجلهم بأسلوب جعله يشك أنني كنت أحد الذين شاركوا معهم في عمليات القبض على السحرة والمشعوذين. أخي عبدالله السلامة ضرب مثلاً رائعاً في النصيحة لله ورسوله والمؤمنين، بالحكمة والموعظة الحسنة والعدل، لم يلق بالاً للأكاذيب وقرأ الرواية وحللها بشكل مهني مفصل واستغرقت مكالمتنا لقرابة الساعة ونصف تلقيت خلالها جميع ملاحظاته وناقشناها سوياً واستغليت الفرصة لأستفيد من خبراته في مجال التعامل مع قضايا السحر والشعوذة لكي أضيف المزيد من المعلومات والتفاصيل لأحداث الرواية. وقد دون أخي عبدالله تقريره المفصل الذي يدين به أمام الله هنا رابط نص تقرير الشيخ عبدالله (أرفقته في نهاية المدونة). http://hawjan.blogspot.com/2013/12/blog-post.html

لم أكن أتخيل أن أهاجم كل هذا الهجوم من إخوان وأخوات أشاطرهم الدين والوطن، يحزنني هذا التحامل والتهويل جداً في الوقت الذي أرى فيه تحقق أحلامنا في تصدير ثقافتنا الدينية والأخلاقية إلى باقي الدنيا بعد أن كنا لا نحسن سوى استيراد ما لديهم، في الوقت الذي أضيع فيه جهدي ووقتي لأشرح كل هذا لأخ لي في الدين والوطن حاربني دون أن يقرأ، أتلقى إشادة ومديحاً وإطراءً من أجانب حائزين على جوائز كتابة الخيال العلمي ممزوجة بتساؤلاتهم عما إذا كانت تصوراتي عن مجتمع الجن مع ما طرحته من تفسير علمي ومنطقي واجتماعي والذي يختلف عن تصواراتهم عن عالم الأرواح والأشباح هو فعلاً مستنبط من ديننا الإسلامي.
هذا كل ما لدي، سأواصل الآن مشاريع ترجمة حوجن لباقي اللغات (الكورية والفرنسية والأسبانية حالياً) وسأواصل مشروع إنتاجه كفيلم سينمائي، وكتابة وإنتاج باقي الأعمال. مع امتناني لكل من قرأ فاستمتع وكل من انتقد بصدق، وكل من تحرى الحقيقة قبل أن ينجرف خلف الشائعات.

محبكم.. أخوكم..
إبراهيم عباس







تقرير الشيخ عبدالله بن سالم السلامة التميمي
رئيس شعبة مكافحة السحرة ومتابعة الرقاة بهيئة مدينة الدمام
المكلف بدراسة وتحليل رواية حوجن وما أشيع حولها


بسم الله الرحمن الرحيم

(حوجن بين الشعوذة والفلسفة)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..

في غموض الحقيقة وكثرة الافتراءات وتناقل الإشاعات وتطلع القارئ لمعرفة الحقيقة والصواب أكتب لكم أيها الأحباب..


لا أخفي عليكم أيها الأحبة فقد وردت إلينا في شعبة مكــافحــــة السـحــرة ومـتابعـة الرقاة في هيئة مدينة الدمام بلاغات عدة بشأن رواية ( حَوجَن ) ومفادها: أن الرواية تعلّم السحر والشعوذة وكيفية تحضير الجن، ناهيك عن الرسائل التحذيرية عبر برنامج التواصل الإجتماعي الواتس آب.

تلقيت اتصالاً من رئيس هيئة مدينة الدمام فضيلة الشيخ الوقور/ سعيد بن أحمد المجدوعي وفقه الله، ومن إحسان ظنه بي أنه كلفني شخصياً بأن أتأكد من صحة البلاغات الواردة بشأن رواية ( حوجن ) ، وأن أكتب له تقريراً مفصلاً عن هذه الرواية، ذهبت لمكتبة جرير بحي الشاطئ، واقتنيت نسخة من رواية ( حوجن )، قرأت الرواية كاملة واطلعت عليها بدقة خلال خمس ( 5 ) ساعات تقريباً، وقيّدت بعض الملاحظات في خمسة عشر ( 15 ) نقطة.
حصلت بعدها على رقم الكاتب المبدع/ إبراهيم عباس، لأناقشه عن بعض المفاهيم في روايته المشهورة، ومن غير مبالغة توجست أنني سأتصل بساحر ماكر، ورجل ترعرع بين الجن والأبالسة، من هول البلاغات وشديد التحذير والنعت بالعبارات.
أجاب على اتصالي، وحينما عرّفته بنفسي وبعملي، استقبلني وكأنه يعرفني منذ عشرات السنين، رأيت منه إنصاتاً عجيباً، وأدباً جمّاً ، وحوار مؤدب رائع، وأخلاقاً راقية، واسلوب أحلى من صافي العسل، تعجبت كيف تكون هذه الأخلاق الإيمانية على ساحر كما يصفه الناس!!!
عرضت عليه النقاط التي دونتها بشأن روايته، تراجعت عن تسعة ( 9 ) ملاحظات دونتها، واتفتق معه على ستة ( 6 ) ملاحظات أخرى .

كان أخي/ ابراهيم يستمع مني ويبادرني بهمّة الاستعداد على أن يغير في الرواية كل مخالفة شرعية، وتكفي هذه المبادرة الطيبة من رجل طيب.
اتصل علي بعدها بيوم، وقرأ علي التعديلات على روايته الشيّقة، وهذا والله من صدق لسانه وصفاء سريرته.
رواية ( حَوجَن ) اقولها بملئ فمي أنها من أجمل الروايات وأروعها التي قرأتها في عالم الروايات والخيال ..
لست مسوغاً إعلاميا لهذه الرواية، لكنني أدين الله فيما أكتب لكم، فالكمال المطلق لله وحده جلّ وعلى، ولا يسلم أحد منا من الخطأ، والرواية الرائعة التي كتبها أخي الكاتب العزيز/ إبراهيم، ليست كتاباً منزّلاً من السماء، بل هي من قول البشر فلها مالها من الصواب وعليها ما عليها من الخطأ.
لكنني أحببت أن اذكركم أيها الأحبة بأمرين مهمين تتعلق في الرواية :
1/ الرواية لا تُعلم السحر كما هو شائع بين الناس، مع تحفظي على لعبة الويجا، ولأهل العلم والفضل كلام في التحذير منها والعدول عنها لا يسعني ذكره، وما ذكره الكاتب في روايته هي من عرض مقام الرواية لا تعليمها.
2/ الرواية من تأملها بأفق واسع يجد أنها، تحذر من السحر والانخداع بالسحرة وتضليلهم على الناس.
كنت أتمنى لكل من روج الإشاعات وتقدم بالبلاغات، أن يكون قد اطلع على الرواية كاملة وترك عنه آفات الأخبار ورواتها.
جميل أيها الأحباب أن نعالج الخطأ بالصواب وأن نأتي البيوت من أبوابها وندع القذف والاتهامات والسب والشتم على مؤلف الرواية، ( لا تكن أنت والشيطان عوناً على أخيك ).
وللإيضاح فهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تصادر الكتب كما اشيع عنها ، بل تقوم بعمل محضر حصر للكمية وترفع الأمر للجان الشرعية وجهة الاختصاص الأولى وزراة الإعلام، وبعدها يُبت القرار فيها.
كنت أتمنى أن يتناصح الإخوان فيما بينهم، ويدَعوا القيل والقال، فهي بُغية الشيطان أن تكون بينهم.


أخي الحبيب/ إبراهيم سر على بركة الله، واستعن بالله أولاً وآخر وثق بالله، وتجرد من حولك وقوتك إلا بالله، وأخلص النية، واتبع السنة، واصبر على ما أصابك واحتسب الأجر من عند الله في ذلك، تفز فوزاً عظيما.. 

والله اعلم ونسبة العلم إليه أسلم وأحكم
كتبه محبك وحافظ ودك
الفقير لعفو ربه وطالب مرضاته


                عبدالله بن سالم السلامة التميمي
رئيس شعبة مكافحة السحرة ومتابعة الرقاة بهيئة مدينة الدمام.
                     0503588645


9 comments:

  1. رد محكم ومفصل ورائع, اتمنى أن تصلني رسالة وتساب تنقل هذا النص اعلاه بنفس عدد المرات التي وصلتني فيه الاشاعات عن الرواية. أستمر والله يوفقك في مسيرتك فما تقوم به دعوة الى الإسلام بطريقة غير مباشرة. زرع هذه التساؤلات هو أفضل طريقة لتحريض العقول على القراءة أكثر عن الإسلام وإن أسلم أحدهم إبتداء من قراءته لهذه الرواية فأجره وحده يكفيك كل ما تحملت من مشقة في مواجهة الهجوم السلبي من مجتمعك

    ReplyDelete
  2. أستاذي الفاضل أنا صحفية في جريدة عكاظ اليوم و أتمنى إجراء حوار صحفي معك حول هذه الرواية و كشف الحقيقة عنها , أعتقد برأيي الشخصي أن الرواية جميلة جداً و مظلومة من قبل الجاهلين , و كم أتمنى أن توافق على إجراء الحوار و قد أرسلت لك رسالة خاصة على التويتر منذ أسبوعين تقريبا و أنتظر الموافقة منك , أرجو التواصل معي بخصوص ذلك ..

    وفقك الله يا أستاذ و أعانك على مواجهة أعداء الرواية

    ReplyDelete
  3. ردك رائع وايجابي وحيجنبك ان شاء الله اي اشاعات مستقبلية تطلق عن اعمالك. في انتظار المزيد.

    فهد ذاكر

    ReplyDelete
  4. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    سؤالي هو متى ستعاد الرواية للمكتبات؟
    حيث أنه في المنطقة الشرقيه تم سحبها من جرير..
    في انتظار اعادتها للحصول على نسخه والتمتع بها..

    ReplyDelete
  5. الله يوفقك ان شالله ويعينك ...بس بليز اوقف عالموضوع ولاتسكت لهم الين ماترجع الروايه للمكتبات لانه حالياً تم سحبها من المكتبات في مدينة جده

    ReplyDelete
  6. كلام رائع ..وانا عن نفسي اخذت الروابة للمدرسة وكنا نقرأ في اوقات الفراغ انا وصحباتي كنت فرحانة انهم لقو شي يشغل فراغهم لانو كانو مستحيل يقرو رواية بعد حوجن اتشجعوا وساروا يقروا اشياء مرا كتير .. بأختصار انو حوجن اخذتهم لخيال شيق وحببتهم في القراءة
    هادي بس نبذه ممتعة بسيطة حصلت معايا وحوجن
    وفيه كثيير ..لكن فعلا شكرا <3

    ReplyDelete
  7. اخي الكريم
    قريت الروايه وحبيتهاا حبيتها حبيتها حقيقي حاكت قيمنا ومعتقداتنا اللي نؤمن
    فيها ولا تواخذ بعض الناس ترا مجتمعنا من اكثر المجتمعات سلبيه يحسب انه لو نقد نقد سلبي كذا صار فاهم ومثقف ومايمشي عليه اي شي المفروض انك مستعد نفسيا
    وكل اللي قرا روايتك من محيطي حبهاا لا تبرر لهم والنار ادا مالقت شي تاكله تاكل نفسها

    ReplyDelete